top of page

بيان فضل ليلة القدر والحث على الاجتهاد فيها | الشيخ صالح الفوزان

الحمد لله فضل شهر رمضان على غيره من الشهور، وخصه بليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه… وبعد:

قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، وهي في شهر رمضان المبارك لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) وترجى في العشر الأواخر منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ” متفق عليه.

• سبب تسمية هذه الليلة بـ ليلة القدر

فينبغي الاجتهاد في كل ليالي العشر طلبًا لهذه الليلة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ“، وأخبر تعالى أنها خير من ألف شهر وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وهو التقدير السنوي، وهو التقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السماوات والأرض كما صحة بذلك الأحاديث، وقيل سميت (ليلة القدر) لعظم قدرها وشرفها، ومعنى قوله تعالى: (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) أي: قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها، وطلبها في أواخر العشر آكد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فِي ثَلاَثٍ أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ أَوْ فِي تِسْعٍ يَبْقَيْنَ” وليلة سبع وعشرين أرجاها لقول كثير من الصحابة إنها ليلة سبع وعشرين: منهم ابن عباس وأبي بن كعب وغيرهما.

• الحكمة من إخفاء ليلة القدر

وحكمة إخفائها ليجتهد المسلمون في العبادة في جميع ليالي العشر، كما أخفيت ساعة الإجابة من يوم الجمعة ليجتهد المسلم في جميع اليوم، ويستحب للمسلم أن يكثر فيها من الدعاء، لأن الدعاء فيها مستجاب ويدعو بما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله: إن وافقتها فيم أدعو قال: ” قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى” رواه أحمد وابن ماجه .

• الحث على استغلال ليلة القدر


فيا أيَّها المسلمون، اجتهدوا في هذه الليلة المباركة بالصلاة والدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة فإنها فرصة العمر، والفرص لا تدوم، فإن الله سبحانه أخبر أنها خير من ألف شهر، وألف الشهر تزيد على ثمانين عامًا، وهي عمر طويل لو قضاه الإنسان كله في طاعة الله. فليلة واحدة وهي ليلة القدر خير منه، وهذا فضل عظيم، وهذه الليلة في رمضان قطعًا وفي العشر الأخير منه آكد، وإذا اجتهد المسلم في كل ليالي رمضان فقد صادف ليلة القدر قطعًا ورجي له الحصول على خيرها، فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله. فاحرصوا رحمكم الله على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فالمحروم من حرم الثواب. ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملاً بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاته فإنه محروم .

أيُّها العاصي، تب إلى ربك واسأله المغفرة فقد فتح لك باب التوبة ، ودعاك إليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات فخذ لنفسك بأسباب النجاة …

والحمد لله رب العالمين … وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه…

0 views0 comments

Comments


bottom of page